طموح…بعشرين شيكل

“لم أكن أعلم بأن نجاحي في الثانوية العامة هو بداية لمشوار شقائي ومعاناتي في هذه الحياة، نجحت من هنا وذهبت في اليوم الثاني إلى المصنع المجاور لمنزلنا لأحصل على وظيفة فيه، كي أستطيع الالتحاق بالجامعة، لأن والدي تعرض لإصابة في قدمه ولم يعد قادرًا على العمل، فاضطررت إلى العمل لكي أكمل دراستي.

غرفة صغيرة لا تتسع سوى لشخص واحد، يوجد فيها 3 فتيات، ناهيك عن الجرذان التي تسرح في المكان، أكل البرد من جلودنا، باردة لا تدخلها أشعة الشمس، لا تسمع فيها سوى صوت أكياس البلاستك وهمس الفتيات وصوت المذياع.. هذا هو مكان عملي في المصنع، لم أتوقع بأن يكون بهذا السوء، عمل منذ الساعة السادسة صباحًا حتى الساعة الرابعة عصرًا.
لا وقت مستقطع للراحة.. عمل، فعمل، ثم عمل، عيونه لا تنفك عن مراقبتنا  كأنها عينا سجان… سجان يرى  في الأشغال الشاقة علاجًا لنزلائه  غير ان هذا الاخير قد يعطف عليهم ويعطيهم وقتًا للراحة أما سجاننا فلا.
رجل ممتلئ الجسم، متجهم الوجه، نادرًا ما ترى ابتسامته، ولا تراها مطلقا عند طلبي لأجرتي، أجرتي التي لا تتعدى العشرين شيكلًا، هذا طبعًا بعد التمرد على الأجرة التي كانت سبعة عشر شيكلًا، حتى عندما يعطيني الأجرة تتغير ملامح وجهه؛ وكأنني انتزعت روحه من جسده!.
وبما اني مؤمنة بأن الطموح لا يجب أن يقف  أمامه أي مُعيقات، قررت أن أتحمل كل هذا الإذلال والصراخ من فمه الكبير الذي لا يتوقف عن الأوامر إلا عند الأكل، كنهر جارف لا يجف إلا عند انحباس الماء عنه.”
كانت هذه قصة “رشا محمد”،  خلال عملها في أحد المصانع قضاء الخليل، كان يكتنفها الألم من عدم فضح ظلم هذا العالم، لذلك رأت أن تُصبح إعلامية تعمل على تغيير ونقل صورة هذا الوضع الرديء في استغلال العاملات في هذا المصنع.
وبالرغم من كل تلك الظلمة المحدقة، إلا أن رشا استطاعت اكمال دراستها وتحقيق طموحها بعشرين شيكل، لكن يبقى التساؤل: إلى متى ستظل المرأة سهلة المنال في الاستغلال أثناء عملها من قِبل أرباب العمل.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *